الأحد، 13 يوليو 2025

بواعث التأليف

 


ما أكثر ما يسأل السائلون عن بواعث التأليف ؟ لم أرى الكاتب أن يتناول هذا الموضوع خاصة بالبحث؟ وماذا زين له ذلك وأغراه به؟ والإنسان بطبيعته فضولي؟ فلا استغراب لمثل هذا السؤال.

ولكني أقول أن البواعث كثيراً ما تخفي حقيقتها حتى على صاحبها ، فمن العسير الاهتداء إلى الصحيح منها، ومن الصعب الغوص في قرارات النفوس على المستكن المستخفي في أعماقها وخير لنا أن لا نعني أنفسنا بهذا التساؤل.

وليكن الباعث ما يكون فإن المهم هو الكتاب الذي أمامنا وسيموت المؤلف ويلحق بمن غبر، ويذهب جيله كله أيضاً ، ويجئ جيل جديد ولا يعرف الصداقات والعدوات التي كانت تحف بالمؤلف ، ولا يدري إلا القليل عن الأحوال التي كان يعيش فيها ويتأثر بها ، فلا يعنيه إلا الكتاب ذاته إذا كان قد قسم له البقاء.

ومن الذي يسأل عن بواعث الجاحظ حين ألف البيان والتبيين أو الحيوان؟

وما قيمتها الآن وما قيمة أن نعرف لماذا ترجم ابن المقفع كتاب كليلة ودمنة؟

إن القيمة الحقيقية للأثر لا لما أغرى به وحمل عليه . وقد تكو البواعث سيئة ولكن الأثر يجئ حميداً والعكس أيضاً يحدث.

فلندع البواعث وإن كانت لا تخلو من فائدة إذا استبانت ؟ هل في الدنيا شيء يخلو من نفع؟

 " المازني "

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المبدع أمام النقد

    إذا ماعرفنا الطبيعة الإنسانية فإننا نجد لدى الفنان أسباباً للمعاناة لا حصر لها :أحياناً لأنهم لا يفهمونه أو لأنه يثير غضب الضعفاء ...