للكاتب
شأناً مختلفاً جداً ، عليه أن ينضج ما يريد أن يفضي إلينا به ويطلعنا عليه وإلا
كان لا شيء . والوقت أمامه فسيح لتلمس
المواد وللعبارة عما يدور في خاطره ويتمثل لخياله ، والقراء مستعدون أن ينتظروا
ويصبروا حتى يهتدى إلي ما يبغي
ويوفق إلى ما يشتهي
وهو
مطالب بأن يؤدي ولا يمطل دينه للحقيقة وللطبيعة. إذا كان لا يخاطب نفوس الجماعة
المتعاطفة بل عقل الفرد، والناس ينظرون إليه نظر التلميذ للمعلم لا الظهير إلى الظهير ، فمن حقهم أن يتقاضوه
الدقة والعمق وموافقة الصواب وتحري الحقيقة وحسن البيان وعلو اللسان وأن يكشف لهم عما أفاده الدرس والتحصيل والنظر وما ذخر
على الأيام من كنوز الفكر وأن ينصف نفسه وعقله ومواهبه وأن يجيل لحظة في سماء فكره لا في وجوه الجماهير ، وليس
ما يطلبه الكاتب على طرف اللسان أو حد القلم بل هو ملفوف في طيات القلب ومنقوش على
صفحات العقل طبقة فوقها طبقة ودونها طبقة يرفعها الخيال والفكر واحدة إثر أخرى ويلتمس
لها العبارة التي تجلوها في أحسن حلاها وأقواها.
" المازني"
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق